الصورة كانت مفاجئة الملايين تخرج فى اغلب المحافظات تعلن عدم استعدادها لتحمل عصرمبارك ولو لساعات بينما الامر بدا مختلفا فى الصعيد صحيح ان صدا المشهد تردد فى بعض محافظات الصعيد مثل المنيا وغيرها لكنه لم يكن بالدرجة ذاتها فى الصورة الاولى كميدان التحرير مثلا او أمام مسجد القائد ابراهيم بالاسكندرية او حتى فى السويس
وبدا الامر وكأننا امام صورة مهزوزة للمواطن المصرى فى الصعيد عامة وسوهاج كحالة خاصة
صحيح ان المظاهرات جاءت تباعا بعد ذلك اما فى مدينة جرجا او حتى فى المحافظة نفسها الا انه كان لاثبات الوجود ودفاعا عن صورة المصريين فى سوهاج اكثرمما بدا انه مشاركة لباقى المصريين فى الثورة
وبالرغم من ان الصعيد عامة وسوهاج عانى أشد المعاناة من نظام الرئيس السابق لكن تأثير الثورة علينا اظهرنا كالضحية التى تعشق جلادها او هكذا بدا حالنا
لكن يجب الا يعتبر احد ان هذا نقصا فى وطنيتنا ومصريتنا لان هناك عوامل كثيرة ساهمت فى هذه الصورة التى ظهرنا بها
اولا : طبيعة العصبيات والعائلات وكبار القوم احجم من فكرة الخروج والتعبير عما فى مكنون الصدور واكتفى بالمشاهده وهذا ليس قدحا فى هذه الطبيعه بقدر ما هو بيان لتأثيرها القوى فى اوساط الناس
ثانيا : الاعلام الحكومى بدوره اسهم بشكل كبير فى تكوين صورة مغايرة لواقع مايحدث فى باقى المحافظات وتعامل معها بانها حوادث تخريب ونهب وربما سرى فى نفوس قطاع كبير الخوف من حدوث نفس الامر وهو ما لا يستطيع احد احتماله من غياب للأمن واستغلال هذا الغياب فى الاضرار بمصالح الناس
الاعلام الحكومى حتى وان كان جزءا من مصدقيته تعرض للاهتزاز الا انه فى ذات الوقت كان يمارس دوره المعتاد فى غسيل ادمغة الكثير من الناس وشكل فى بداية الثورة اتجاها اقرب الى العداء مع ميدان التحرير وان هؤلاء مجرد شباب فاقدون للتربية والاخلاق وكسالى لايريدون العمل وما الى ذلك من اتهامات قد اكون سردت ابسطها واكثرها احتراما
ثالثا : الفقر
والفقر فى الصعيد مضاعف فهو فقر مادى ومعنوى
الفقر المادى كان من منح الرئيس لنا بأن منحنا شرف كوننا افقر محافظة فى مصر وبالتالى فالناس حياتها مجرد سعى على لقمة العيش ولا شىء غير ذلك يأتى فلان على رأس السلطة أو غيره لا يشكل لهم فارقا الا بمقدار مايتعرض الى لقمة عيشهم فلايلمسون اثر السياسة الا فى غلاء الاسعار وامتهان الكرامة فى اقسام الشرطة
الفقر المعنوى ضارب جذوره فى نفوس قطاع كبير من الناس فالطموح لديهم سقفه منحة الرئيس فى عيد العمال 30% يعطيها لهم بالشمال ثم يأخذها منهم بالشمال ايضا عند رفع الاسعار اما ان يطلبوا قيم الحرية والعدالة والكرامة فهذا ترف سياسى كما قال اسامة سرايا بوق النظام السابق فى الاهرام صبيحة يوم الغضب قبل ان يغير جلده كالافعى صباح يوم التنحى
ونشرت الاهرام عنوانا صادما : الشعب اسقط النظام !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
رابعا : اذا جاز لنا القول بأن قلب هذه الثورة هو الشباب فأن قلب الشباب فى الصعيد عامة وسوهاج خاصة كان محطما
وهو من اثار الفقر المادى الذى جعل من شباب الصعيد اما سفراء لمصر فى دول الخليج او سفراء للصعيد فى القاهرة والاسكندرية وباقى المحافظات السياحية بما يتوافر لهم من فرص عمل لا يقبلون العمل بها فى بيئتهم هذا ان توافرت اصلا
وبالتالى فان الصعيد كان كرجل عجوز افتقد شبابه وهرم
خامسا : من ملامح هذه الثورة انها ادخلت فى مكوناتها عنصرا جديدا وهو وسائل الاتصال الحديثة وشبكات التواصل الاجتماعى من الفيس بوك والتويتر هذه الميزة لم تكن لها نفس الاثر القوى فى الصعيد لانه وكما قلت فن النظرة الى الانترنت تبدو كترف زائد عن الحاجه حتى وان كان هناك قطاع كبير من المستخدمين لهذه الشبكات الاجتماعية فان مشاركتهم وقعت اسيرة للعالم الافتراضى على هذه الشبكات ولم نجد لها صدى على ارض الواقع
سادسا : وجدت الثورة ضالتها فى اماكن وميادين عامة تمثل رمزية معينة تجمع حولها المتظاهرون حتى اسقطو النظام
اما فى الصعيد فلا يوجد ميادين او اماكن عامة تغرى بالتوجه لها والتظاهر بها فضلا عن كونها تمثل رمزية معينة
سابعا : شريحة كبيرة من الناس رأت الثورة من الجانب السلبى فقط فى تعطل بعض مصالحهم واشغالهم فضلا عن تأخر الرواتب بالاضافة لقطاع كبير من العاملين بالاجراليومى وهو ما مثل لديهم تهديدا كبيرا
فى النهاية هذه ابرز العوامل التى اثرت فى موقف الصعيد من الثورة وتفاعلهم معها لا يشير باتهام لنا بقدر ما يوضح مدى
وحجم الجرائم التى ارتكبها النظام السابق ومعاونوه من اعضاء الحزب بحق الصعيد فأفقروه وجعلو منه ساحة لجرائم الثار حتى بتنا نرى اخبارنا فقط فى صفحات الحوادث