فضائل القرآن
فضيلة الشيخ / مصطفى البصراتي
فإن القرآن الكريم- كتاب الله عز وجل- هو منهاج حياتنا كلها وهو أصل الأدلة والأحكام الشرعية، جعله الله سبحانه وتعالى آخر رسالاته لهداية البشرية ...
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فإن القرآن الكريم- كتاب الله عز وجل- هو منهاج حياتنا كلها وهو أصل الأدلة والأحكام الشرعية، جعله الله سبحانه وتعالى آخر رسالاته لهداية البشرية وإخراجها من الظلمات إلى النور وتحقيق مصالحها الدينية والدنيوية.
والقرآن الكريم هو كلام الله المعجز المنزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم باللفظ العربي المتعبد بتلاوته، والمنقول إلينا بالتواتر في المصاحف، والمبدوء بسورة الفاتحة والمختوم بسورة الناس، أودع الله سبحانه فيه الهدى والنور والرحمة والسعادة والشفاء، وأبان فيه العلم والحكمة والحكم والتشريع. من سار عليه وعمل به سلم وهدي إلى صراط مستقيم.
قال تعالى: ﴿قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين (15) يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم﴾ [المائدة: 15، [16.
إن القرآن الكريم هو هدى الله تعالى، الذي أنزله على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ليكون طريقًا للمؤمنين، يسيرون على هديه ويتبعون منهجه.
والقرآن الكريم هو روح الأمة الإسلامية، به حياتها وعزها ورفعتها، قال تعالى مخاطبًا رسوله محمدًا صلى الله عليه وسلم : ﴿وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا﴾ [الشورى: [52.
فالقرآن الكريم روح يبعث الحياة ويحركها وينميها في القلوب، وفي الواقع العملي المشهود. والأمة بغير القرآن أمة هامدة لا حياة لها ولا وزن ولا مقدار.
والقرآن الكريم هو النور الهادي إلى الصراط المستقيم، نور تخالط بشاشته القلوب التي يشاء الله لها أن تهتدي به، قال تعالى: ﴿أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون﴾ [الأنعام: [122.
إن القرآن الكريم هو الكتاب الخالد الذي ﴿لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد﴾ ]فصلت: [42.
وقد تكفل الله تعالى بحفظه فقال: ﴿إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون﴾ [الحجر:[9.
فضل القرآن الكريم:
فضل القرآن الكريم كبير وعظيم، فهو الكتاب الذي أخرج به الله عز وجل هذه الأمة من الضلالة العمياء، والجاهلية البغيضة إلى نور الهداية وسبل السلام، هو كتاب ختم الله سبحانه به الكتب، وأنزله على نبي ختم به الأنبياء وأرسله بدين ختم به الأديان.
نهل من معينه العلماء، وخشعت لهيبته الأبصار، ورقت له القلوب وقام بتلاوته العابدون الراكعون الساجدون، هو كما يقول الإمام الشاطبي في موافقاته: "كلية الشريعة وعمدة الملة، وينبوع الحكمة، وآية الرسالة ونور الأبصار والبصائر، فلا طريق إلى الله سواه، ولا نجاة بغيره ولا تمسك بشيء يخالفه".
هو كتاب عقائد وعبادات وحكم وأحكام وآداب وأخلاق وقَصص ومواعظ وعلوم وأخبار وهداية وإرشاد، هو أساس رسالة التوحيد والرحمة المسداة للناس أجمعين، والنور المبين، والمحجة البيضاء التي لا يزيغ عنها إلا هالك.
قال الله تعالى: ﴿وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه﴾[ المائدة: [48، قال ابن عباس: المهيمنُ الأمينُ. قال: القرآن أمين على كلِّ كتاب قبله، وفي رواية شهيدٌ عليه.
وفي أسماء الله تعالى: ﴿المهيمن﴾ [الحشر: [23، وهو الشهيد على كل شيء الرقيب الحفيظ بكل شيء. وقال الله تعالى: ﴿قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا﴾ [يونس: 58[، قال ابن عباس: فضل الله: الإسلام، ورحمتهُ: أن جعلكم من أهل القرآن.
وقال تعالى: ﴿وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا﴾ [الإسراء: [82.
فالقرآن مشتمل على الشفاء والرحمة، وليس ذلك لكل أحد، وإنما ذلك للمؤمنين به المصدقين بآياته العالِمين به، وأما الظالمون بعدم التصديق به أو عدم العمل به، فلا تزيدهم آياته إلا خسارًا.
وقال تعالى: ﴿قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين﴾ [المائدة: [15، وهو القرآن، يستضاء به في ظلمات الجهالة وعماية الضلالة.
وقال الله تعالى: ﴿وهذا ذكر مبارك أنزلناه﴾ [الأنبياء: [50، "وهذا" أي القرآن. "ذكر مبارك أنزلناه" فوصفه بوصفين جليلين، كونه ذكرًا يتذكر به جميع المطالب من معرفة الله بأسمائه وصفاته وأفعاله، ومن صفات الرسل والأولياء وأحوالهم ومن أحكام الشرع من العبادات والمعاملات وغيرها، ومن أحكام الجزاء والجنة والنار، وسماه ذكرًا، لأنه يذكر ما ركزه الله في العقول والفطر من التصديق بالأخبار الصادقة والأمر بالحسن والنهي عن القبيح- وكونه "مباركًا" يقتضي كثرة خيراته ونماءها وزيادتها ولا شيء أعظم بركة من هذا القرآن.
وقال الله تعالى: ﴿لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم﴾ [الأنبياء: [10 أي شرفكم وفَخركم وارتفاعكم، وما تُذكرون به.
وقوله تعالى: ﴿بل أتيناهم بذكرهم﴾ [المؤمنون: 71] أي: بما فيه شرُفهم.
والحمد لله رب العالمين
منقول